بقلم: قاسم العمري☆
عندما يموت الأب، يبدو وكأن الكون قد فقد أحد أركانه الأساسية في حياتك. يصبح الفراغ الذي يتركه خلفه غير قابل للملء، ويشعر المرء بأن الأيام قد فقدت توازنها. الأب ليس مجرد شخص؛ بل هو القائد، والداعم الأول، والسند الذي نتكئ عليه عندما تضيق بنا الطرق. بموته، تفتح أبواب المعارك، وتصبح الحياة أشبه بساحة مواجهات تحتاج إلى صلابة استثنائية لخوضها.
فمع فقدان الأب، ستجد نفسك مضطرًا لمواجهة تقلبات الحياة وحدك. قد تعصف بك رياح الظروف، وقد تتقاذفك أمواج المتاعب. هناك أيام ستبدو أثقل من أن تُحتمل، ولن يكون هناك أحد لتستمد منه القوة والإلهام في لحظات الشك. ستواجه تحديات ربما لم تخطر ببالك من قبل، وسيكون عليك التصدي لها وحدك، وفي ذلك اختبار حقيقي لقوة تحملك وثباتك.
الأب ليس فقط مصدر الحنان والأمان، بل هو صمام الأمان الذي يواجه عنك أحيانًا تحديات الحياة ويصدها بعيدًا عنك. بغيابه، يصبح الطريق مليئًا بوحوش بشرية تتربص بك، تنتظر لحظة انفرادك وضعفك، كي تنقض عليك دون رحمة. ستواجه أناسًا لم تكن تتوقع منهم إلا الخير، وقد تجدهم قد تحولوا إلى عوائق في طريقك.
ورغم كل الصعوبات، فإن هذا الفراق يجعلنا نكتشف داخلنا قوة كنا نجهل وجودها، ويعلمنا أن نتعلم القيادة، وأن نصبح نحن القادة لأنفسنا ولمن نحب. أن تتعلم من الأب هو أعظم إرث، فذكراه تظل نبراسًا يوجهك في ظلمات الأيام، وحكمته تبقى مرشدًا يعينك على اتخاذ قراراتك بثقة.
فراق الأب ليس بالأمر السهل، لكنه يفتح لنا باب النمو والنضج، ويجعلنا نرى الحياة بعين أكثر قوة.
حفظ الله كل أب على قيد الحياة ورحم الله من قُدِّر له أن يغادر هذه الحياة. اللهم ارحم والدينا كما ربيانا صغيرًا. (رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا).