بقلم: قاسم العمري ..
منذ القدم، توارثت الأجيال حكماً راسخاً وقاعدة سليمة مفادها: “ما بني على باطل كان باطلاً”. تتردد هذه المقولة على ألسنة العلماء والعامة على حدٍّ سواء، حاملةً في طيّاتها دروساً بليغة ومعانٍ عميقة تُلامس مختلف جوانب الحياة..
تكمن جوهر هذه القاعدة في التأكيد على أنّ أيّ بناء أو مشروع يُقام على أساس خاطئ أو فاسد لا يمكن أن يكون سليماً أو ذا قيمة حقيقية. فكما أنّ البناء الماديّ الذي يُشاد على أرضٍ مهزوزة لا بدّ أن ينهار عاجلاً أو آجلاً، كذلك الأمر بالنسبة للأفكار والسلوكيات والمعاملات التي تُبنى على أسسٍ خاطئة، فهي حتماً مُقدّرة على الزوال والفشل..
وتُجسّد هذه القاعدة مبدأً راسخاً في مختلف مجالات الحياة، بدءاً من الفقه الإسلاميّ الذي يُبطل المعاملات والعقود المُبنية على أمورٍ محرّمة أو باطلة، إلى الأخلاق والقيم التي تُحذّر من السلوكيات المُبنية على النفاق والغشّ والكذب…
تُزخر الحياة بتطبيقاتٍ واقعية تُجسّد صحة هذه القاعدة. ففي المجال السياسيّ، نرى أنّ الأنظمة المُستبدّة التي تُبنى على القمع والظلم لا بدّ أن تواجه ثوراتٍ شعبية تُزلزل أركانها وتُسقطها. كما أنّ المشاريع الاقتصادية المُبنية على مُغامراتٍ ماليةٍ مُحاطةً بالمخاطر أو على استغلالٍ ظالمٍ للعاملين، لا بدّ أن تُواجه الفشل والخسائر..
تُشكّل هذه القاعدة درساً بليغاً للأفراد والمجتمعات على حدٍّ سواء، فهي تُحذّر من مخاطر التسرّع وبناء الأحكام على أسسٍ خاطئة، وتُحثّ على التحلّي بالصبر والحكمة والتدبّر قبل اتخاذ أيّ قرارٍ أو خطوةٍ مُهمّة. كما تُؤكّد على أهمية الأخلاق والقيم السليمة كأرضيةٍ راسخةٍ لبناء حياةٍ كريمةٍ ومجتمعٍ مُزدهرٍ…
إنّ حكمة “ما بني على باطل كان باطلاً” ليست مجرّد مقولةٍ قديمةٍ بل هي مبدأٌ راسخٌ يُضيء لنا دروب الحياة ويُرشدنا إلى طريق الحقّ والصواب. فلنجعلها نصب أعيننا في كلّ ما نقوم به، ونبنِ حياتنا على أسسٍ سليمةٍ من الأخلاق والقيم، لننعم بحياةٍ كريمةٍ ومستقبلٍ مُشرقٍ…